العود الطبيعي الاصلي من أندر وأثمن الكنوز العطرية التي عرفتها البشرية، إذ يستخرج من أشجار الآغار المنتشرة في مناطق محددة من قارة آسيا، حيث تساهم البيئة الاستوائية الرطبة في تكوين المادة العطرية داخل جذوع الأشجار على مدى سنوات طويلة.
وتختلف جودة العود ورائحته باختلاف المناخ والتربة ونوع الأشجار وطريقة المعالجة، وهو ما جعل بعض الدول تُعرف عالميًا وريادتها في إنتاج أنواع محددة من العود ذات طابع عطري مميز، لتصبح منتجاتها مقصدًا لعشّاق الفخامة الشرقية في كل أنحاء العالم.
الهند: موطن العود الفاخر وأسرار تميّزه العالمي
الهند من أقدم وأشهر الدول المنتجة للعود الطبيعي الأصلي، إذ تمتد زراعة أشجار الآغار فيها منذ قرون طويلة، خصوصًا في ولايات آسام و مانيبور و تريبورا التي تُعرف بتربتها الغنية ومناخها المثالي لنمو أشجار الآغار النادرة، يشتهر العود الهندي بتركيبته الثقيلة والعميقة التي تجمع بين النغمات الدخانية واللمسات الخشبية الغنية، ما يجعله الخيار الأول لعشّاق العطور الشرقية الأصيلة.
يتميّز العود الهندي أيضًا بقوة ثباته وطول مدة بقاء رائحته في المكان والملابس، وهي سمة تجعله مرغوبًا بشدة في الأسواق الخليجية التي تقدّر هذا النوع من الفخامة العطرية، وتُعتبر طرق استخراج العود في الهند من أكثر الطرق دقة وتقليدية، حيث تُجرى عملية التقطير بأساليب يدوية متوارثة منذ مئات السنين للحفاظ على نقاء الزيت وجودته العالية.
ولهذا السبب العود الهندي من الأنواع التي يُستثمر فيها بقيمة عالية نظرًا لندرتها وصعوبة الحصول على الأخشاب الغنية بالراتنج العطري الطبيعي الفاخر والمميز.
العود الكمبودي واللاوسي: نفائس نادرة من قلب الغابات الآسيوية
كلٌّ من كمبوديا ولاوس من أهم وأندر المناطق المنتجة للعود الطبيعي في العالم، حيث تنمو أشجار الآغار هناك في بيئة استوائية كثيفة الرطوبة تساعد على تكوين العود ذي الرائحة العميقة والنادرة، والتي يصعب مقارنتها بأي نوع آخر.
يتميّز العود الكمبودي واللاوسي بثرائه العطري الفريد الذي يجمع بين النغمات الحلوة والدخانية مع لمسةٍ بلسمية دافئة، تمنح العطر عمقًا وسحرًا لا يضاهيه أي عود آخر، ولهذا يُعتبر هذا النوع من أكثر الأنواع طلبًا بين محبي الفخامة الشرقية حول العالم.
وتُعرف عملية استخراج العود في كمبوديا ولاوس بأنها عملية دقيقة وبطيئة تعتمد على تقنيات تقطير تقليدية متوارثة منذ قرون، تُحافظ على الخصائص الطبيعية للعود دون أي تدخل صناعي، مما يمنح دهن العود الناتج منها نقاءً استثنائيًا وثباتًا يدوم لساعات طويلة.
وغالبًا ما يُستخدم العود الكمبودي في صناعة العطور النخبوية التي تسعى إلى إبراز الطابع الشرقي الفاخر، بينما يُعتبر العود اللاوسي خيارًا مثاليًا لعشّاق الروائح الدافئة العميقة التي تجمع بين الرقي والأصالة في آنٍ واحد، وهو ما يجعل هذا النوع رمزًا للذوق الرفيع والتقدير الحقيقي لجمال الطبيعة الشرقية في أنقى صورها.
إندونيسيا: تنوّع البيئات وإنتاج العود العطري الفاخر
إندونيسيا من أكبر الدول المنتجة للعود الطبيعي في العالم، وتحتل مكانة بارزة في صناعة دهن العود بفضل تنوّع بيئاتها الاستوائية وغناها بالموارد الطبيعية التي تساعد على نمو أشجار الآغار بمستويات عالية من الجودة.
تنتشر مزارع العود في مناطق مثل كاليمانتان وسومطرة وسولاويسي، حيث تتوافر الظروف المناخية المثالية التي تمكّن الأشجار من إفراز الراتنج العطري الثمين على مدى سنوات طويلة، ويتميّز العود الإندونيسي برائحته المعتدلة التي تمزج بين الحلاوة والدفء مع لمساتٍ ترابية خشبية هادئة، مما يجعله من الأنواع المحببة لمن يبحثون عن توازن عطري يجمع بين النعومة والفخامة في آنٍ واحد.
وتُعرف صناعة العود في إندونيسيا بأنها من أكثر الصناعات التي تعتمد على الخبرة التقليدية المتوارثة عبر الأجيال، حيث يقوم الحرفيون المحليون باختيار الأخشاب بعناية فائقة، ثم معالجتها وتقطيرها بأساليب دقيقة تحافظ على النكهة العطرية الأصلية للعود دون أن تفقده طبيعته النقية.
منتجات العود الإندونيسي أيضا من الخيارات المفضلة لدى دور العطور العالمية التي تبحث عن مكونات طبيعية أصيلة تمزج بين العمق والرقي، وهو ما جعل هذا البلد الآسيوي مركزًا أساسيًا لتجارة العود العطري وتصديره إلى الأسواق الخليجية والعربية التي تقدّر هذا الفن العطري الراقي وتعتبره جزءًا من تراثها العريق.
العود المروكي: العطر القادم من الشرق الأقصى إلى الخليج
العود المروكي، أو كما يُعرف أحيانًا بـ«العود الماليزي»، يُعتبر من الأنواع الحديثة نسبيًا التي دخلت إلى الأسواق الخليجية وحققت رواجًا واسعًا في السنوات الأخيرة، بفضل تميّزه برائحة ناعمة ومريحة تجمع بين الفخامة والبساطة في آنٍ واحد.
يُستخرج عود المروكي من أشجار الآغار المنتشرة في الغابات الكثيفة بجزيرة بورنيو، حيث تُعرف الأخشاب المروكية بجودتها العالية وقدرتها على إنتاج روائح متوازنة تحمل مزيجًا متناغمًا من النفحات الخشبية والدخانية مع لمساتٍ عنبرية دافئة، تمنح الإحساس بالسكينة والهدوء.
وقد أسهم دخول العود المروكي إلى الأسواق الخليجية في إثراء خيارات عشّاق العطور الشرقية، إذ يقدّم تجربة مختلفة عن العود الهندي والكمبودي بفضل طابعه الأخفّ ورائحته التي تتطور تدريجيًا دون أن تكون ثقيلة على الحواس، مما يجعله خيارًا مثاليًا للاستخدام اليومي وفي الأجواء الرسمية على حد سواء.
العود المروكي من الأنواع التي تميّزت بسرعة انتشارها بين محبي العود في السعودية تحديدًا، نظرًا لتوازن سعره وجودته، ولأن رائحته تندمج بسهولة مع تركيبات العطور الأخرى مما يمنحه مرونة عالية في الاستخدام الشخصي أو في صناعة الخلطات العطرية الراقية، وهكذا أصبح العود المروكي اليوم جزءًا من الذوق الخليجي الحديث للعطور الفاخرة.
عوامل تحديد أسعار العود الطبيعي بين الدول المنتجة
تختلف أسعار العود الطبيعي الأصلي باختلاف البلد المنتج وجودة الخشب ونسبة الراتنج فيه، إضافةً إلى ندرة الأشجار وطريقة استخراج العود وتقطيره. وفيما يلي نظرة عامة على متوسط الأسعار في أشهر الدول المنتجة:
- العود الهندي:
يُعتبر من أغلى أنواع العود في العالم، وتختلف أسعاره حسب عمر الخشب ونقائه، إذ تبدأ الأسعار من الفئات المتوسطة وتصل إلى مستويات مرتفعة جدًا للأنواع القديمة والنادرة التي تتميّز بثبات قوي ورائحة غنية.
- العود الكمبودي واللاوسي:
العود الكمبودي من الأنواع النادرة والمحبوبة في الخليج، وتكون أسعاره عادةً أعلى من العود الإندونيسي نظرًا لندرة الأشجار وصعوبة استخراجه، وغالبًا ما يُباع بأسعار مرتفعة لما يتميّز به من عمق عطري فريد.
- العود الإندونيسي:
تتراوح أسعار العود الإندونيسي بين المتوسطة والعالية، ويُعرف بتنوع درجاته من العطور اليومية إلى الفاخرة، ما يجعله من أكثر الأنواع انتشارًا في الأسواق الخليجية والعالمية.
- العود المروكي (الماليزي):
يأتي بسعر معتدل مقارنةً بالأنواع الهندية أو الكمبودية، ويُعتبر خيارًا مميزًا لمن يبحث عن توازن بين الجودة والسعر، خصوصًا لمحبي الاستخدام اليومي أو الخلطات العطرية.
وتتأثر الأسعار عمومًا بعدة عوامل مترابطة مثل عمر الشجرة، نسبة الراتنج العطري، طريقة التقطير والمعالجة التقليدية، بلد المنشأ و تكاليف التوريد، بالإضافة إلى ندرة العود وجودة رائحته وثباته، مما يجعل من الصعب تحديد سعر ثابت للعود الطبيعي الأصلي نظرًا لتفرّد كل نوع بخصائصه العطرية الفريدة.
سرّ عشق السعوديين للعود الكمبودي الفاخر
يرتبط السعوديين بالعود ارتباطًا ثقافيًا وروحانيًا عميقًا، والعود الكمبودي من أكثر الأنواع التي لاقت إعجابهم وتميّزت بحضورها في الأسواق والمنازل السعودية. ومن أبرز أسباب هذا التفضيل:
- رائحته الثقيلة والفاخرة: تتماشى مع الذوق السعودي الذي يميل للعود القوي والعميق، خاصة في المناسبات والأعياد.
- ثباته العالى على الملابس والمجالس: وهو ما يبحث عنه السعوديون في العود الفاخر المستخدم يوميًا وفي الضيافة.
- تاريخه في الأسواق السعودية: العود الكمبودي من أوائل الأنواع التي دخلت المملكة منذ عقود، وأصبح رمزًا للرقي والترف.
- ملاءمته للمزج مع دهن العود والزيوت الشرقية: يفضله السعوديون لقدرته على إبراز الطابع الشرقي في الخلطات العطرية المحلية.
لذلك يظل العود الكمبودي بالنسبة للسعوديين أكثر من مجرد عطر؛ فهو جزء من الهوية والثقافة، وعنصر أساسي في الضيافة والتعبير عن الذوق الرفيع الذي يميّز المجتمع السعودي.
الخاتمة
يُعتبر العود الطبيعي الأصلي أحد أثمن الكنوز العطرية التي عرفها الإنسان، وتتفرد كل دولة منتجة له بلمسة خاصة تجعل عودها يحمل هوية مميزة تعكس بيئتها ومناخها وثقافتها، سواء كان العود هنديًا بقوته وثباته، أو كمبوديًا بنُدرته وسحره، أو مروكيًا بعطره الدخاني الفاخر، فإن جمال العود الحقيقي يكمن في أصالته وجودته العالية.
ولذلك، يحرص عشّاق العطور في المملكة والخليج على اقتناء أجود أنواع العود الطبيعي، لما يرمز إليه من فخامة وعمق وأصالة تمتد جذورها في التراث العربي الأصيل وتعبّر عن هوية ثقافية متجذّرة.
 
                                                      